الأحد، 29 نوفمبر 2009

الإبداع في الحج

الإبداع في الحج

رحلة الحج رحلة مميزةٌ، لا تشابها رحلةٌ على الإطلاق؛ فهي رحلة العبادة ورحلة التجارة ورحلة التعرف على عباد الله الذين وفدوا إلى بيته العتيق من جميع أصقاع الأرض.
ومهما أوغلنا وتحدثنا عن هذه الرحلة العظيمة فإن حديثنا سيظل سطحياً؛ لا سيما أن الشريعة الغراء أتت ببعض فوائد هذه الرحلة على الوجه العام، أما المنافع الشخصية فكل إنسانٍ أدرى بحاله.

وفي هذه العجالة سأصحبكم مع طرفةٍ من طرائف هذه الرحلة، والتي أرتني تجربةً عمليةً لتنوّع أنماط التفكير لدى البشر مهما اختلفت عقلياتهم وتنوعت ثقافاتهم:

حينما كنّا نتحرك ونتجوّل في مكة وبين المشاعر المقدسة، كنا نشاهد آلاف الحجاج يتبعون لجاليةٍ مسلمةٍ من الصين، و أخرى من الهند وبضعة آلافٍ أخرى من بنغلاديش، وهلمّ جراً. الأهم كيف تسيرُ هذه الألوف المؤلفة خلف قائدها دون تيهٍ أو ضياع؟!
هنا ظهر الابتكار، وتنوّعت أساليب الإبداع من جاليةٍ إلى أخرى، ومن مُطوّفٍ إلى آخر؛ فلقد كانت عادة الكثيرين من مطوّفي الحملات رفع العلم الوطني لبلادهم على خشبةٍ طويلةٍ يراها أتباع جاليته من مكانٍ بعيدٍ، إلاّ أن هذه الطريقة غدت قاصرةً على بلادٍ تعدد فيها المطوفون!! فلزم حينها التجديدُ!!
رأيتُ في حج هذا العام ظاهرةً جديدةً لما يمكن تسميته بـ "راية الحملة"؛ حيثُ شاهدنا بعض المطوفين ربطوا قصبة صيد الأسماك بشعار الحملة أو بقطعة قماشٍ كُتب عليها شيءٌ يميزُ الحملة عن أخواتها، وأمّا التميّز فهو في إمكانية طيّ الراية ومدّها في مرونةٍ تامّةٍ!!

إلاّ أن هناك مجموعةً من الأفارقة الذين ارتسمت على ملامحهم علامات الفقر تماماً كحالهم البائس في قارتهم الغنية، مع حاجتهم إلى التمييز. فماذا فعلوا؟!
ربط مطوّفهم بخشبته الطويلة كيس نفاياتٍ أسود يخفق ذات اليمين وذات الشمال، وأتباعه يهرولون خلفه في منىً بحيويةٍ ونشاطٍ!!

وأما الجالية البنغالية – على ما أظن – فكان لها حظٌ من الإبداع والتجديد أيضاً؛ وبأسلوبٍ غير مألوفٍ!!! فلقد ربط أميرهم بعصا المكنسة قارورة ماءٍ فارغةٍ من سعة اللتر والنصف، وغدا مميزاً!!

أما الذي شدّني وأثار دهشتي فهو رجلٌ هندي على ما يبدو لم يجد سبيلاً إلى التميّز سوى رفع عصا العجائز وقد ربط بها ميداليةً أو علاقة مفاتيحٍ مضيئة تتبدل أنوارها بين الفينة والأخرى!!

وتنوّعت المشاهد بين من ربط إزاراً وآخر رداءاً وبعضهم قميصاً... فكانت كثوبٍ ضمّ خمسين رقعةً
مشكلة الألوان مختلفات!!!

وحينها أخذتُ أحدّثُ والدي والذي أخذته الدهشة أيضاً من هذه المناظر، واعتزامي على جمع طريفها في مقالٍ للشباب، عندها وخزني قائلاً ومشيراً بيده:
عندئذٍ لن ترى أعجب من هذا!!

رجلٌ يجري وقد ربط بخشبته ورقة شجرٍ اصطناعيٍ خضراء واحدة!

والحاجة أُمُّ الاختراع!! وكلُّ عامٍ وأنتم بخير.


د. ضياء مطر
Master Key
موسم حج عام 1426هـ

هناك تعليق واحد:

توتيا يقول...

هههه / المهم : عدم الضياع , أذكر أن كل حملة كانت لهم حركه , وإن كُنا من نفس هذه البلاد , بس طبعاً ’ شِعارات :)

..